الواقع المختلط يحدث ثورة في العالم التكنولوجي تقرير : رنا اشرف سرعان ما أصبح الواقع المختلط ، وهو مزيج من الواقع الافتراضي والواقع المعزز ، أحد أكثر التطورات إثارة في…
"بروفايل": العالِم الإسلامي محمد بن موسى.. الأب الروحي للخوارزميات
كتب: مروان علاء الدين
العالِم الإسلامي “الفارسي الأصل” محمد بن موسى الخوارزمی الذي عاش في الفترة ما بين (780م –850م) هو عالم رياضيات وفلك وجغرافيا فارسى، ولد في مدينة خوارزم (أوزبكستان حالياً)، ثم عاش في بغداد وكتب فيها معظم كتبه وعلومه باللغة العربية.. وإليه تُنسب “الخوارزميات” وهي واحدة من أكثر المصطلحات شيوعا واستخداما في مجال الحواسب وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهي ببساطة مجموعة من الخطوات الرياضية المتسلسلة لحل مشكلة ما، ويعود أصل المصطلح إلى هذا العالم الكبير .. فما هي قصته؟
يعتبر كتاب “الجبر والمقابلة” من أشهر الكتب التى كتبها في الرياضيات سنة 813 ميلادية، ومنها جاء اسم علم الجبر أو (Algebra)، ثم جاء مصطلح الخوارزمية (algorithm) مشتقا من اسمه، فقد قام الخوارزمى بتأليف كتاب “الحساب الهندى”، وهو الكتاب الذي كان له دور في تعريف الغرب بالنظام العشرى بعدما ترجموه إلى اللغة اللاتينية، وقد تطور مفهوم الخوارزميات كثيرا عبر قرون حتى وصل إلى علوم الكمبيوتر، فالخوارزمية هي مجموعة من الخطوات الرياضية والمنطقية والمتسلسلة اللازمة لحل مشكلة ما. وفي الأصل كان معناها يقتصر على خوارزمية لتراكيب ثلاثة فقط وهي: التسلسل والاختيار والتكرار. فالتسلسل يعني أن تكون الخوارزمية عبارة عن مجموعة من التعليمات المتسلسلة، والاختيار يعني أن بعض المشاكل لا يمكن حلها بتسلسل بسيط للتعليمات، وقد تحتاج إلى اختبار بعض الشروط وتنظر إلى نتيجة الاختبار، إذا كانت النتيجة صحيحة تتبع مسار يحوي تعليمات متسلسلة، وإذا كانت خاطئة تتبع مسارا آخر مختلف، وهذه الطريقة هي ما تسمى اتخاذ القرار أو الاختيار، وأخيرا التكرار وهو يعني أنه عند حل بعض المشاكل لا بد من إعادة نفس تسلسل الخطوات عدد من المرات. وهذا ما يطلق عليه التكرار.
وكانت الخوارزميات ضرورية في علوم الحاسب لكي تقوم أجهزة الحاسوب بتفعيل البرامج وإدارة البيانات بطريقة عملية،وبالتالي فإن الخوارزميات هي عبارة عن مجموعة من العمليات التي يتم تحديدها للكمبيوتر حتى يقوم بها بترتيب معين، وعندما تتوافق أي خوارزمية مع معلومات المعالجة في الحاسوب تتم قراءة البيانات.
وبعيدا عن الخوارزميات، فقد عمل الخوارزمي على الإشراف على 70 عملا جغرافيا في مشروع يهدف إلى رسم خريطة الأرض كما كانت معروفة آنذاك، وعندما تُرجمت أعماله ونُقلت إلى البلاد الأوروبية، كان لها الأثر الكبير في التطور الحضاري والعلمي للحياة في الغرب. ويعد الخوارزمي من أبرز العلماء الذين يمثلون العرب والمسلمين في العصور الوسطى، حيث عمل في دار الحكمة في شبابه بمدينة بغداد بترجمة الكتب والأطروحات باللغات المختلفة، الأمر الذي أنعش الخوارزمي علميًا، وقاده إلى البدء بتأليف الأطروحات والكتب الخاصة به. وتعد أطروحة حساب الجبر والمقابلة التي قدم فيها للعالم آنذاك علمًا جديدًا سمي بعلم الجبر من أهم أطروحات الخوارزمي، وقد سمي الخوارزمي بأبي علم الجبر، هذا العلم الذي ساهم في تكوين العصر الحديث وبنائه كما نعرفه الآن.
وفيما يتعلق بفن الحساب الهندوسي قدم الخوارزمي للعالم الغربي في القرن 12 م نظام الأرقام الهندوسية العربية والحسابات المتعلقة بها، وقد حُفظت هذه الأعمال باللغة اللاتينية فقط في كتاب اسمه (Algoritmi de numero Indorum)، وقدم الخوارزمي في هذه الأعمال مفهوم كلمة اللوغاريتم.
وقد توفي الخوارزمي عام 850 م في العراق، عن عمر يناهز 80 سنة، وعرف بأنه واحد من أكثر العقول العلمية تأثيرًا وإنجازًا في التاريخ الإنساني.