روبوتيكس تخترق العالم السري للعملات المشفرة: نصيحة .. لا تضع أموالك في البيتكوين

تحقيق: رنا أشرف

شهدت الآونة الأخيرة حوادث نصب واحتيال عديدة أبطالها غير معروفين تماماً، وضحاياها أشخاص سقطوا في فخ الثراء السريع عن طريق المضاربة فيما يسمى بالعملات المشفرة مثل البيتكوين والتي يتم بناؤها على فكرة الذكاء الاصطناعي، حيث يقوم النصابون بإنشاء منصة لجمع الأموال من الناس عبر الإنترنت وإغرائهم بأن مكاسبهم ستتضاعف سريعاً، لكن سرعان ما يتم إغلاق المنصة والهرب بأموال الضحايا للخارج، الأمر لا يتوقف عند هذا الحد حيث إن سوق العملات المشفرة لا يخضع لقواعد ولا إشراف من البنك المركزي، لهذا نصحت الهيئة العامة للرقابة المالية المصريين بتجنب التعامل مع هذه العملات.. وهو ما نكشف عن خطورته في السطور التالية.. 

تحذير رسمي

في البداية، أطلقت الهيئة العامة للرقابة المالية تحذيرا بشأن ما تم رصده مؤخراً من ترويج وتوجيه دعوات للتعامل في أدوات ومنتجات مالية بالمخالفة للقانون المصري وتعرض المتعاملين فيها لمخاطر جسيمة، وأهابت الرقابة بالمواطنين عدم الانسياق وراء دعوات التعامل بـ (الاكتتاب من خلال شركات غير مرخص لها تلقي أموال – العملات الافتراضية المشفرة – الفوركس)، ومن ضمن الأدوات التي تلاحظ للهيئة مؤخراً الترويج لها من خلال عدة منصات إلكترونية دعوة المواطنين للاستثمار وتلقي أموال بغرض استثمارها، وهو ما دفع الهيئة العامة للرقابة المالية بإطلاق تحذيراً للمواطنين بشأن مخاطر المشاركة في دعوات بعض الجهات غير المرخص لها بتلقي أموال بغرض الاستثمار، لما لذلك من أضرار بالغة جراء حالات نصب أو احتيال قد يتعرضوا لها دون وجود جهة رقابية تحمي وتضمن حقوقهم. حيث تلاحظ للهيئة مؤخراً قيام العديد من المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الإلكتروني بالترويج وتوجيه دعوات للجمهور للاستثمار في مشروعات نظير عائد مقابل ذلك.

وأكدت الهيئة العامة للرقابة المالية على جموع المتعاملين في السوق المصري بضرورة توخي الحذر الشديد وعدم الانسياق وراء الدعوات التي تم رصدها مؤخراً للتعامل في العملات الافتراضية المشفرة لما يمثله من مخاطر عالية إضافة إلى استخدامها في الجرائم المالية والقرصنة الإلكترونية، وافتقارها أي غطاء مادي يضمن استقرارها وحماية المتعاملين فيها، وتعرض مستخدميها للاحتيال والمسائلة القانونية، لمخالفتها القانون المصري، والذى عاقب كل من يتاجر أو يروج أو يقيم أي أنشطة تتعلق بالتعامل في هذا النوع من العملات دون الحصول على ترخيص مسبق من الجهات المعنية بالحبس وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز 10 ملايين جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

أكواد سرية

ويقول الدكتور وليد عبدالرحيم جاب الله، خبير الاقتصاد والمالية العامة، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، أن العملات المشفرة، أو العملات الافتراضية، أو العملات الرقمية، جميعها مصطلحات لمفهوم واحد يعبر عن تلك النقود التى ظهرت حديثاً على شبكة الإنترنت، انطلاقا من خيال المبرمجين لتكون مقبولة فى مجال التبادل التجارى عبر متاجر الإنترنت بالأساس، والعملات المُشفرة عبارة عن أكواد تعبر عن رصيد من القوة الشرائية المُسجلة فى سجل إلكترونى دون أن يكون لها شكل مادى ملموس من معادن أو ورق، أو بلاستيك أو غيره. والبيتكوين عملة وهمية افتراضية مُشفرة، تُعد بداية لمرحلة جديدة من تطور النقود؛ حيث ظهرت لتناسب الحركة المالية والتجارية عبر الإنترنت، دون أن يكون لها وجود مادى حتى الآن، فهى عبارة عن أكواد تُمثل معياراً للقيمة ووسيطاً فى التعامل عبر الإنترنت من خلال البنوك الإلكترونية، وهى ليست العملة الرقمية الوحيدة وإنما هى الأشهر بين أكثر من عشرة آلاف عملة رقمية انتشرت بصورة كبيرة مثل (ليتكوين، والإيثريوم، والريبل، ونوفاكوين، ونيموكوين، وبيركوين، ودوجى كوين، وكاتى كوين، وغيرها) ويصدر نحو 50 عملة رقمية جديدة يوميا، وجميعها لا تصدر من هيئات حكومية، وتخرج عن سيطرة البنوك المركزية. ولعل شهرة البيتكوين ترجع إلى كونها الأكثر قبولاً لدى العديد من المتاجر الإلكترونية، والأكثر قدرة على إعادة تحويلها لعملة تقليدية ببيعها إلى من يشتريها بما يعادلها من عملات تقليدية وسوف نعرضها كنموذج أساسى لتلك النقود. ويستطيع الشخص الحصول على البيتكوين وغيرها من تلك النقود المُشفرة عن طريقين:

  • الشراء من خلال منصات إلكترونية؛حيث يقوم الشخص بإنشاء محفظة إلكترونية على جهاز الكمبيوتر الخاص به ثم يقوم بعمليات التداول على المنصة التى يختارها أو من خلال وسيط يساعده على ذلك.
  • التعدين ويقصد به طريقة إنتاج للنقود المُشفرة، ويتم ذلك من خلال مجموعة من الأجهزة التى تقوم بفك شفرات معينة بشكل مُعقد تكون نتيجتها إصدار العملة الرقمية المحددة، والأمر هنا يحتاج إلى أجهزة كمبيوتر قوية بمواصفات خاصة حتى تستطيع التعامل مع تلك الشيفرات التى تزداد صعوباتها تدريجيا.

أعمال مشبوهة

ويضيف جاب الله أن العملات المشفرة من عيوبها أنها تحولت إلى بيئة مثالية لتسهيل عمليات الفساد، وغسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ حيث إنه بمجرد شراء تلك النقود يُمكن لأصحابها تحويلها لأى مكان بالعالم دون رصد أو متابعة ليُعاد تحويلها إلى نقود عادية فى الدول التى تسمح بذلك، مما يسهل وصول الأموال إلى الإرهابيين، ويسهل خروج الأموال الناتجة عن فساد إلى دول الملازات الآمنة. وبالإضافة إلى ذلك فإنها أيضا أصبحت مجالاً خصباً للمضاربة وخلق فقاعات تجارية، والمضاربة هى أساس صعود القيمة السوقية لتلك النقود فلا تزال المتاجر الإلكترونية التى تقبل التداول من خلال بعض تلك العملات محدودة جدا ومُتغيرة بصورة تجعل الطلب الحقيقى على تلك العملات أساسه المضاربة وليس التداول والشراء من المتاجر.

حوادث نصب

أما الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، فيقول إن هناك ما يزيد عن ٢٠ ألف عملة رقمية في العالم الآن، وهذه العملات لا تحكمها أي قواعد بدليل أن كل المؤسسات تريد أن تضعها تحت طائلة القانون، لكن بعض هذه العملات أصبح لها رخص وتأمين وخلافه، وهناك فرق ما بين العملة الرقمية والعملة الرقمية المشفرة، وذلك لأن هناك عملات رقمية تتبع البنوك المركزية، بمعنى أن البنك المركزي يقوم بإصدار هذه العملة مع العملة الورقية، ولكن في المقابل هناك عملات رقمية مشفرة في العمليات الافتراضية مثل البيتكوين، وبطبيعة الحال هناك طرق للنصب والاحتيال في مجال العملات الرقمية، وحدث في مصر وقائع نصب بسببها من خلال عمل منصة على الإنترنت ثم يشجعون الناس للدخول وشرائها والاستثمار بها وفجأة يقومون بغلق المنصة ويهربون بالأموال التي جمعوها إلى الخارج، فالعملات الرقمية المشفرة كلها مخاطر والدولة لا تستيطع أن تحمي أحدا من مخاطرها، لأنها لا تضخع لقواعد وتظل خارج السيطرة، ومن أمثلتها “أيسليوم” و”بيتكوين” و “بيتكوين كاش إكس آر بي”، وغيرها، ومن أضرار العملات المشفرة على اقتصاد الدولة أنها تسحب جزءا كبيرا من السيولة، لاستغلالها في المضاربات، حيث تتبخر هذه الأموال ويخسر الناس فلوسهم ويتم تهريب الأموال التي تم جمعها بحجة الاستثمار في العملات المشفرة للخارج، وحتى الآن هناك شبه اعتراف بأن العملات الرقمية هي مرحلة متطورة من النقود، لكننا في مصر لازلنا نبحث آثارها، لكن من مزايا العملات الرقمية سرعه التحويل وسرية ودقة الحسابات الخاصة بها، لكن إلى الآن البنك المركزي لايزال رافض التعامل مع العملات المشفرة تماما.  

مكاسب وخسائر

ويقول الدكتور محمد عزام، عضو مجلس إدارة الجمعية الدولية لإدارة التكنولوجيا، إن سوق العملات الرقمية هو سوق لتداول العملات المشفرة وهي غير خاضعة لأي تنظيم أو رقابة، وليست تحت سيطرة البنوك المركزية في العالم حيث إنها سوق حرة تماما  وبعض الناس يقومون بأعمال المضاربة عليها لشرائها، وبالتالى هي خارج السيطرة بجميع المقاييس، وليست هناك جهة إدارية تحكمها، حيث إنها تدار بالأفراد ملاك العملات الرقمية وليست البنوك المركزية، وهناك شركات تعمل كملاك للعملات الرقمية، وأيضا ليس لها قواعد خاصة بها أو تحكمها لأنها ليست تحت تنظيم أي جهة رسمية. وليس هناك ما يسمى بعملات حقيقية وغير حقيقية، بل إن هناك عملات مشهورة وغير مشهورة، ولكن يوجد بعض المعاملات الاحتيالية من الأفراد، لكن العملة الرقمية هي عملة لها مواصفات معينة ومنها المشهورة مثل الأيسيريم و البيتكوين، ومستقبلا أعتقد أن الناس سيستطيعون عمل عملات رقمية خاصة بهم، ولكن المعاملات الاحتيالية تأتي من الأفراد حيث يقوم النصابون بإقناع الأشخاص بأنهم يجب أن يدفعوا مبلغاً مقابل أن يقوموا بـ “تعدين” عملة رقمية، ولا يوجد أي مكسب بالمعني الحرفي من وراء هذه العملية، حيث إنه يتم المضاربة عليها فمنها العملات التي يزداد سعرها ومنها العملات التي ينخفض سعرها مثلها كمثل أي سهم في البورصة، أي أن هناك استثمار بها ولكن مكاسبها ليست مؤكدة وتعاملاتها يمكن أن تقدر بمليارات الدولارات، ولكن في النهاية هي معرضة للخسارة كما هي معرضة للربح.

ويضيف عزام أنه بالنسبة للعملات الرقمية المسماه AI Coins فجميع العملات الرقمية مبنية على مفهوم الذكاء الأصطناعي مثل ال Block Chains المبنية أيضا على الذكاء الأصطناعي. وبالنسبة لطرق الاحتيال في معاملات العملات الرقمية، فهناك عملات مشهورة يثق بها الناس نظرا لكبر السوق الخاص بهذه العملات تحديدا في سوق العملات الرقمية ويمكنهم التداول في هذا السوق، ولكن يمكن أن تظهر عملة جديدة في أي وقت.