صاحبة الجلالة

رنا أشرف

أيام قليلة وأحصل على بكالوريوس الإعلام، حيث سيكون في مقدوري ممارسة مهنة الصحافة، والحقيقة أنني كنت أحلم بأن أكون صحفية شاطرة، لكن عندما بدأت أقرأ وأتابع أخبار الذكاء الاصطناعي بدأت أشعر بالخوف على هذه المهنة، حيث تعيش الصحافة في عصر شديد التحول من الناحية التكنولوجية، مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب الحياة اليومية. لذلك، يتنبأ بعض الخبراء بأن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير مهم في مستقبل الصحافة، لكنني لا أعتقد أنه سيلغي دور الصحفيين في المجتمع، وإنما يمكن أن يدفع المهنة لتطوير نفسها من الداخل وأن تستعين بهذه الأدوات الجديدة التي فرضها التطور التكنولوجي، وهذا هو المهم، فالصحافة عانت في الماضي من ظروف شديدة ورغم ذلك ظلت باقية. 

ومع الأسف الصحافة لم تعد قادرة على مواجهة التحديات المتزايدة بسبب السوشيال ميديا والمواقع الإلكترونية، أيضا الأجيال الجديدة لا يشعرون بأهمية وخطورة دور الصحفي في المجتمع مثلما كان في الماضي.

ثم جاء الذكاء الاصطناعي ليمثل ضربة قوية للمهنة، حيث أصبح بمقدور أي شخص أن يستعين بشات GPT ويكتب أي مقال رأي، كما يتم استخدام قدرة الذكاء الاصطناعي في التعرف على المعلومات وتحليل البيانات باستمرار، وذلك من أجل تغيير كيفية إنتاج وتوصيل الأخبار. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز فعالية الإنتاج الصحفي

وبالتأكيد هناك جوانب إيجابية لأي تكنولوجيا جديدة، لكن ربما يقتضي الأمر تغيير بعض الأدوات المستخدمة في المهنة، وتطويرها بما يتناسب مع قدرات الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، يمكن أن يسهل الذكاء الاصطناعي المهام المتكررة مثل جمع الأخبار وتحريرها، وفي نفس الوقت يمكن تحليل البيانات المتعلقة بالأحداث والقضايا لكتابة قصص جديدة.

من الممكن أيضاً أن يؤدي ذلك إلى إطلاق المزيد من المنصات الإلكترونية التي تعتمد الذكاء الاصطناعي. وهذا غالباً ما يؤدي إلى زيادة المنافسة بين عدد لم يسبق له مثيل من المواقع الإخبارية.

ولكن هل هذا يعني بعض الخوف بشأن مستقبل الصحافة الاحترافية؟ بالطبع لا. بدلاً من ذلك، يمكن أن يمثل الذكاء الاصطناعي تحدياً جديداً للصحفيين في مهماتهم المهنية،و يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي أيضًا في توفير دعم لزوار المواقع الإخبارية وتجسيد تجربة تفاعلية متناسقة من خلال استخدام تكنولوجيا الدردشة الفورية والروبوتات. ويمكن أن تكون هذه الخدمات المهمة والفعالة في توصيل المعلومات الهامة في الأوقات التي تمثّل صعوبة في توفيرها دون الذكاء الاصطناعي.

ورغم كل هذه التحديات، أنا شخصيا لازلت أرى أن الصحافة ستبقى ولكنها ستتطور للأفضل والأقوى، حيث يمكنها أن تستغل هذه التقنيات الجديدة مثلما استعانت من قبل بشبكة الإنترنت، فالتحدي الحقيقي هو أن تدافع الصحافة عن نفسها وأن تستمر في الصمود والبقاء في هذا العالم الذي يمتلأ بالأحداث والقضايا، فلازالت هناك حاجة ماسة لدور الصحفيين في المجتمع، من أجل الكشف عن الفساد والرقابة والتوعية.