الواقع المختلط يحدث ثورة في العالم التكنولوجي تقرير : رنا اشرف سرعان ما أصبح الواقع المختلط ، وهو مزيج من الواقع الافتراضي والواقع المعزز ، أحد أكثر التطورات إثارة في…
رئيس مركز الابتكار التطبيقي: إستراتيجية الذكاء الاصطناعي تهدف لتهيئة المصريين للثورة الرابعة
حوار: شريف عماد – سمر علي – حبيبة هشام – رنا أشرف
تبذل مصر جهوداً كبيراً لكي تلحق بالتطورات المذهلة التي تحدث في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتشمل هذه الجهود إنشاء مركز الابتكار التطبيقي بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من أجل تشجيع إقامة شراكات مع كبرى الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والبحثية المصرية والعالمية، ومساعدة الدولة على توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في كافة المجالات الخدمية كالصحة والتعليم والزراعة والمياه والتنمية المستدامة، في هذا الإطار تحدثنا مع الدكتور أحمد طنطاوي، مستشار وزير الاتصالات ورئيس المركز، في هذا الحوار للتعرف على ملامح خطة الدولة لتعزيز استخدامات الذكاء الاصطناعي وكيف يمكن تحسين وضع مصر في هذا المجال على المستوى العالمي.
أطلقت مصر الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي لدعم أهداف التنمية المستدامة.. ما الجهود التي تبذلها الدولة لتعزيز منظومة الذكاء الاصطناعي بمصر؟
تسعى الدولة إلى مواكبة ما أفرزته الثورة الصناعية الرابعة من تقنيات، وأن تكون عنصراً فاعلاً فيها، واستخدام الذكاء الاصطناعى فى إيجاد الحلول التكنولوجية المبتكرة، لما تواجهه مصر من تحديات فى مجالات مختلفة، وخلق قاعدة قوية من الشركات الناشئة القادرة على المساهمة بقوة فى دفع الاقتصاد المصري، والمنافسة بقوة على الساحة الدولية. وفى هذا السياق؛ أنشأت الحكومة المصرية المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى في نوفمبر 2019، باعتباره شراكة بين المؤسسات الحكومية والأكاديميين والممارسين البارزين من الشركات الرائدة فى مجال الذكاء الاصطناعي.
ما أهم أهداف المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي؟
يتمثل الهدف الرئيسى للمجلس فى تنسيق الجهود الوطنية، ووضع إستراتيجية مصر للذكاء الاصطناعى، وتطوير التطبيقات المختلفة ذات الصلة بالذكاء الاصطناعى، والتوصية ببرامج بناء القدرات، وتعزيز مهارات ومعارف الكوادر الوطنية. ومن هذا المنطلق؛ تم إطلاق الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى، التي تم إعدادها بالتعاون بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزارة التعليم العالى والبحث العلمى. وتهدف الإستراتيجية إلى استغلال تكنولوجيات الذكاء الاصطناعى لدعم تحقيق أهداف مصر للتنمية المستدامة لصالح المصريين كافة، والاضطلاع بدور رئيسى فى تيسير التعاون الإقليمى داخل المنطقتين الأفريقية والعربية، وترسيخ مكانة مصر بوصفها طرفًا دولياً فاعلاً في الذكاء الاصطناعي.
ماذا عن أهم محاور هذه الإستراتيجية؟
تتضمن الإستراتيجية أربعة محاور؛ وهى الذكاء الاصطناعى من أجل الحوكمة من خلال دمج تكنولوجيات الذكاء الاصطناعى فى العمليات الحكومية لرفع الكفاءة وتعزيز الشفافية، والذكاء الاصطناعى من أجل التنمية، ويتم من خلاله تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعى فى القطاعات التنموية الحيوية من خلال استثمار الشراكات مع مستفيدين محليين وشركاء محليين أو أجانب فى مجال التكنولوجيا لضمان نقل المعرفة مع تلبية احتياجات مصر التنموية، بالإضافة إلى بناء القدرات، وذلك لتهيئة المصريين لعصر الذكاء الاصطناعى على جميع المستويات، بدءًا من نشر الوعى العام، وحتى توجيه التعليم الرسمى وتقديم برامج تدريب على المستويين الفنى والمهني.
سبقت مصر الكثير من دول العالم في وضع ميثاق لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.. ما أهم ما جاء فيه؟
تم إطلاق الميثاق المصرى للذكاء الاصطناعى المسئول، والذى يعكس رؤية الدولة المصرية للمبادئ التوجيهية المتعلقة بالأطر التنظيمية للاستخدام الأخلاقى والمسئول لتقنيات الذكاء الاصطناعى فى المجتمع المصري، حيث تم تطويع كافة بنوده وتكييفها، بما يتوافق مع طبيعة وأخلاقيات المجتمع المصرى، ودمجها مع رؤى قابلة للتنفيذ، الأمر الذى يساعد فى ضمان إدارة وتطوير ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعى فى الدولة، واستخدامها بشكل واعِ ومسؤول.
ما دور منصة الذكاء الاصطناعي التي إطلاقها مؤخراً تحت رعاية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؟
تهدف المنصة لضمان تحقيق نقلة نوعية كبرى فى مجال الذكاء الاصطناعى، وتوفير الوقت والجهد على العاملين والمهتمين بالذكاء الاصطناعى فى الوصول إلى أهدافهم، الأمر الذى يدعم جهود الدولة فى الاستفادة من هذه التكنولوجيا لتحقيق التحول الرقمى وبناء مصر الرقمية؛ حيث تم إطلاق منصة خاصة للذكاء الاصطناعى تحت مظلة المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى لتكون البوابة الرسمية لجمهورية مصر العربية فى هذا المجال. وللمنصة أهمية فى الترويج للدور الريادى لمصر باعتبارها طرفًا دوليًا فاعلًا فى مجال الذكاء الاصطناعي، والإشارة إلى الجهود التى تبذلها الحكومة المصرية لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى، والتى تهدف إلى خلق صناعة للذكاء الاصطناعى فى مصر.
وفقًاً لتقرير مؤشر جاهزية حكومات دول العالم لتطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لعام 2022؛ جاءت مصر في المركز الـ56 عالميا.. فكيف يمكن تحسين هذا وضع مصر في مستقبل هذه التكنولوجيا؟
وضع مصر في هذا المؤشر في تحسن مستمر، ففى ضوء حرص وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على تعزيز الريادة الإقليمية لمصر فى مجال الذكاء الاصطناعي؛ أنشأت وترأست مصر مجموعة العمل الأفريقية للذكاء الاصطناعى لتوحيد الجهود فى الأنشطة الخاصة به بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقى. كما أنشأت مصر وترأست “فريق عمل عربى للذكاء الاصطناعى” الذى يتولى مسؤولية وضع إستراتيجية عربية موحدة. كما تم اختيار مصر لمنصب نائب رئيس فريق الخبراء الدولى التابع لليونسكو المكلف بإعداد مسودة أول وثيقة دولية متعلقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعى. حيث شاركت مصر بفاعلية بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OECD فى صياغة وثيقة التوصيات الخاصة بالذكاء الاصطناعى، والتى تتضمن المبادئ التوجيهية للاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعى، ومنها بناء القدرات والحوكمة والمسئولية والإنسانية والشفافية وغيرها من المبادئ الهامة؛ لتصبح مصر أول دولة عربية وأفريقية تنضم رسمياً للدول المقرة بالوثيقة، وقد تم دعوة مركز الابتكار التطبيقى ممثلاً لمصر للانضمام إلى تحالف دولى يضم ممثلى ١٧ دولة رائدة فى تطبيق تكنولوجيا المعلومات المتقدمة، وبالأخص استخدام الذكاء الاصطناعى لتطوير ورفع كفاءة النظم والخدمات الحكومية.
ما دور مركز الابتكار التطبيقي لدفع جهود الدولة في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي؟
أسست وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مركز الابتكار التطبيقى، ليشكل حلقة وصل بين البحث العلمي والتطبيق العملي، بما يعود بالنفع على المواطن والدولة، من خلال إقامة شراكات مع كبرى الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والبحثية المصرية والأجنبية. وذلك لتنفيذ مشروعات تستخدم أحدث التقنيات العالمية بغرض إيجاد حلول للتحديات التي تواجه المجتمع المصري في مجالات مختلفة، ومنها الرعاية الصحية، والزراعة، ومعالجة اللغات الطبيعية، وإدارة الموارد، والتخطيط الحضري، وغيرها. ففي مجال الرعاية الصحية، عكف المركز بالتعاون مع جامعة الإسكندرية على تنفيذ مشروع لخدمة مرضى السكري من خلال بناء نظام متكامل للكشف المبكر عن اعتلال الشبكية السكري باستخدام آليات رقمية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في التقاط صور لقاع العين، وتحليلها بدقة لاكتشاف العلامات المبكرة دون الحاجة إلى طبيب متخصص في قراءة الصورة، الأمر الذي سيسهم في تسريع عملية التشخيص، والعلاج بشكل كبير مما يمنح المرضى فرصًا كبيرة للاحتفاظ ببصرهم. وبناءً على النجاح التجريبي للمشروع والقدرة على التشخيص بنسبة دقة عالية تضاهي – بل وتفوق – النسب العالمية، يقوم فريق العمل بالتوسع في تطبيق النظام في أنحاء الجمهورية. وفى مجال الزراعة، يعمل المركز بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية على تطوير نظام يعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لإدارة استخدام الأراضي وترشيد استخدام المياه ومراقبة صحة المحاصيل باستخدام صور الأقمار الصناعية المنخفضة الدقة. وفى مجال معالجة اللغات الطبيعية، قام المركز بتطوير محركات رائدة للترجمة الآلية وتحويل النصوص إلى كلام منطوق والتعرف التلقائي على الكلام المنطوق باللغة العامية المصرية بلهجاتها المختلفة. ويهدف هذا المشروع إلى استخدام تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي لتوفير حلول قادرة على فهم الجمل العامية المصرية وترجمتها إلى لغات أوروبية وأسيوية بنسبة دقة عالية والعكس، بحيث يمكن استخدام تطبيقات الترجمة الآلية الفورية في مجالات عديدة منها ترجمة البرامج الإعلامية والكتب والمقالات. هذا بالإضافة إلى تحويل الكلام المنطوق باللهجات العامية إلى نصوص مكتوبة مما يتيح الفرصة لاستخدام هذه الحلول في مجالات مختلفة مثل توثيق محاضر الاجتماعات. وقد أحرز المركز أيضاً تقدماً كبيراً في تطوير التطبيقات القادرة على توليد الكلام المنطوق آلياً بناءً على نص مكتوب، مما يمكن من استخدامها في البث الآلي للإعلانات والنشرات وإنتاج وسائل الإعلام والترفيه الرقميين.
هل يمكن أن تشهد قطاعات الخدمات في مصر كالصحة والتعليم قدراً من التوسع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المستقبل مثل الكثير من دول العالم؟
بالتأكيد، حيث إن هناك اهتمام كبير برفع كفاءة الخدمات للمواطن المصري في شتى المجالات. حيث تُسهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية التشخيص والعلاج بشكل كبير مما يمنح المرضى فرصًا كبيرة للحفاظ على صحتهم. ويقوم مركز الابتكار أيضا بتطوير نظم ذكية تؤدي بعض مهام تشخيص عدد من الأمراض أوتوماتيكيًا باستخدام الذكاء الاصطناعي، ويُعد هذا الحل الأمثل لتقديم المساعدة للأطقم الطبية، بالإضافة إلى تقليل وقت وتكلفة الكشوف الدورية وزيادة كفاءة هذه العملية بشكل عام مما يساعد على إتاحتها لعدد أكبر من المواطنين بصورة دورية، وقد اشتملت الجهود أيضاً على تطوير محرك لدعم الكشف المبكر عن أمراض الجلوكوما باستخدام تحليل الصور المدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتطوير محرك ذكي لدعم الكشف عن سرطان الثدي عن طريق اكتشاف الكتل (الأورام) غير الطبيعية في صور أشعة الثدي – ماموجرام، وتحديد ما إذا كانت هذه الكتل (الأورام) حميدة أو خبيثة.
حدثنا عن العنصر البشري.. ما الدور الذي تقوم به وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لإعداد وتأهيل الكوادر الشابة للاستفادة بهم في مشروعات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي؟
لإعداد أجيال من المتخصصين فى مجال الذكاء الاصطناعي، وزيادة الوعى بهذه التقنيات المتقدمة، أطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات العديد من البرامج والمبادرات التى تستهدف بناء القدرات فى مجال الذكاء الاصطناعى، بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية العاملة فى مجال التكنولوجيا لتنمية قدرات كافة فئات المجتمع فى علوم الذكاء الاصطناعى على اختلاف مستوياتها، بدءاً ببرامج لخلق الوعى حول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، وحتى الوصول إلى برامج عالية القيمة لخلق قاعدة من الكفاءات المتخصصة فى هذه التكنولوجيات، وتزويد الشباب والعاملين بقطاعات الدولة بالمعرفة والمهارات اللازمة حول هذه التكنولوجيا. كما يهدف مركز الابتكار التطبيقي أيضاً إلى تنمية الطاقات البشرية ذات الكفاءة العالية، وتطوير الخبرات المحلية عن طريق إشراك الشباب في مشروعات بحثية تطبيقية في مجالات تكنولوجيا المعلومات ومواكبة ضرورات النمو والاستدامة.
هل البنية التكنولوجية الخاصة بمركز الابتكار التطبيقي قادرة الآن على مواكبة التحولات الهائلة في مجالات الذكاء الاصطناعي؟
نعم. على سبيل المثال، من أجل دعم متطلبات الحوسبة للحلول المبتكرة التي يتم تطويرها من خلال مركز الابتكار التطبيقي، فإن المركز يمتلك حاسبًا فائق القدرة، مؤهلاً للتعامل مع التطبيقات العملاقة التي تتطلب قدرة حسابية فائقة وكمية بيانات ضخمة. ويخطط المركز لزيادة قدرة الحوسبة لتتماشى مع متطلبات قائمة مشاريعه المتزايدة، ولتمكين المركز من دعم مبادرات التدريب العملي، والأبحاث المتعلقة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجالات ذات الأهمية بالنسبة للدولة المصرية.
من خلال خبراتكم في مجال التكنولوجيا.. كيف ترى مخاوف بعض علماء المستقبل من الذكاء الاصطناعي بشأن إزاحة العنصر البشري والقيام بكل الأنشطة محل الإنسان؟
بعض المخاوف مبالغ فيها. حيث إن قدرة الآلة على التعلم مبنية على كميات ضخمة من البيانات التي يتم تدريب الاّلة عليها مثل الكلام والنصوص، بحيث يمكن للآلة تكوين نص جديد أو يمكن تدريب الآلة بكميات هائلة من المقطوعات الموسيقية لموسيقيين عالمين، وبناءً عليه يمكن للآلة تكوين مقطوعات موسيقية جديدة شبيهه لما تم التدريب عليها. ولكن لا يمكن للآلة اختراع الجديد لأنها معتمدة على التعليم والاستنتاج بناءً على البيانات التي تم تدريبها عليها.