الواقع المختلط يحدث ثورة في العالم التكنولوجي تقرير : رنا اشرف سرعان ما أصبح الواقع المختلط ، وهو مزيج من الواقع الافتراضي والواقع المعزز ، أحد أكثر التطورات إثارة في…
2 مليار مستخدم تحت المراقبة.. الذكاء الاصطناعي يحلل شخصيتك على فيس بوك
تحقيق: محمد يسري
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها، وخاصة الفيسبوك، تشكل ركناً أساسياً من أنشطتنا الحيوية ومنصة مهمة للكثير من الشركات والمؤسسات، بل والأشخاص أنفسهم. ومن المعروف أن الفيس بوك يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تستخدم كما هائلا من بيانات الخصوصية التي يُفرض على مستخدمي فيسبوك الإذن باستخدامها، وهو ما يعرضهم للاختراق والتجسس والدخول على خصوصياتهم، ويحولهم إلى مادة للتربح ويجعلهم غرضًا للتأثير من جهة أخرى، وذلك بتحليل أفعالهم وأفكارهم وانفعالاتهم التي توفرها بياناتهم، وبهذا يتعاظم تأثيره ونفوذه وأرباحه.. في التحقيق التالي قررنا أن نسأل الخبراء: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل الشخصية من إعجابات فيسبوك؟ وكيف يتم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مواقع التواصل الاجتماعي للتجسس ومراقبة المستخدمين ومعرفة احتياجاتهم واهتماماتهم؟
سلاح ذو حدين
أصبحت العلاقة بين الذكاء الاصطناعى ومواقع التواصل الاجتماعي علاقة شائكة تحتاج إلى المزيد من الفهم، هذا ما أكد عليه باسل نوفل، خبير أمن المعلومات، ويقول إنه يمكن أن يتم الربط بين الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، بحيث يتطور الأمن السيبراني ويشرف عليه الذكاء الاصطناعي ليقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة، وتأمين الحسابات والمعلومات، ولكن الوصول إلى هذه النقطة هو سلاح ذو حدين فأي خطأ فيه قد يكلف البشرية ثمناً باهظاً.
وأضاف نوفل أنه وفقاً لدراسات عديدة تم إجراؤها، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل ما تكتبه وما تتحدث به على السوشيال ميديا، وكذلك كل نقرة تنقرها أيضا، فمثلاً إذا ما كنت من الأشخاص الذين يكثرون مشاهدة فيديوهات السياحة فأنت إنسان يعشق السفر، وهذا يتضح من كل نقرة تقوم بها حيث يتم تسجيلها، ومع تراكم التفاعلات يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل شخصيتك، لدرجة أنه بعد ١٥٠ نقرة، يستطيع التعرف على أفراد أسرتك، وبعد ٣٠٠ نقرة يستطيع معرفة زوجتك، ليس هذا فحسب، فالذكاء الاصطناعي يستطيع أن يتعرف على ميولك ورغباتك بكل أنواعها، وذلك من حيث أنواع المأكولات التي تحبها والرياضات التي تتابعها، والنجوم الذين تحبهم، كما أنه يستطيع أن يتعرف على ميولك تجاه الجنس الآخر وما هي مقا ييس الجمال التي تنجذب لها.
البيج داتا
لكننا لا نتخيل كيف يستطيع الذكاء الاصطناعي مراقبتنا بالفعل على الفيسبوك؟ وهل هذه العملية معقدة؟! هذا ما فسره لنا أحمد صابر، خبير الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وأمن المعلومات، حيث قال إن قوة الذكاء الاصطناعي مبنية على تحليل كمي كبير من الداتا، وهذا الكم الكبير من الداتا يمكن تحويله لنماذج متكررة أو ما يطلق عليه “pattern”، فعلى سبيل المثال لدينا مائة نموذج متكرر من خلاله نتعرف على اهتمامات مستخدمي الفيس بوك، وتحديد شخصياتهم، والتعرف على احتياجاتهم في المستقبل، وبالتالي التأثير على قراراتهم في كثير من الأحيان.
ومن هنا لا يجب أن يقتصر نظرنا على الجانب المظلم من الذكاء الاصطناعي، ولكن يجب أن ننظر للجانب الإيجابي حيث يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يتعرف على مشاكل مستخدمي الفيس بوك الذين لديهم مشكلة في التغذية أو المعرضون لمرض السكر أو الضغط في المستقبل من خلال التشابه مع نماذج متكررة كما ذكرت في البداية. وتزداد أهمية هذا الأمر من منطلق أن السوشيال ميديا تسجل حياتنا لحظة بلحظة وتراقب تحركات الأشخاص من خلال الإيميلات وغيرها، وأريد أن أقول إن “Degital life” الخاصة بك مسجلة بالكامل، ويعتبر ما حدث في الانتخابات الرئاسية الأمريكية هو تطبيق حي لذلك، حيث استخدم الفيس بوك بيانات “ترامب ” للتأثير على قرار الناخبين فيما عرف بقضية “كامبريدج”، والخطورة ليست في المراقبة، ولكن الخطورة في استخدام البيانات والمعلومات عن الأشخاص للتأثير على أنشطتهم الحياتية وقرراتهم في الحياة
اللايكات
إن عملية تحليل الذكاء الاصطناعي لشخصيتك عبر الفيسبوك عملية مرتبة ودقيقة، وذلك ما أوضحه محمد سراج، الخبير التكنولوجي وعضو الجمعية المصرية للتسويق الإلكتروني، حيث يقول: عندما تُعجب بمحتوى معين على الفيسبوك أو ما يُعرف بـ “اللايك”، هذا المحتوى من المؤكد معرف على الكمبيوتر بـ “keywords”، فعلى سبيل المثال عندما تُعجب بصورة فيها عناصر طبيعية، فإن هذا الإعجاب معرف على السيستم، وهكذا يجد الفيسبوك أن الشخص قد أحرز مثلاً مائة لايك في شهر لصور بها عناصر طبيعية حينها يتم ترجمة ذلك على أن هذا الشخص متأثر بالطبيعة أكثر. فيبدأ التطبيق بتوفير تلك الصور والفيديوهات أمام المستخدم، وبالتالي يتزايد استخدامه للتطبيق. إذن الفيسبوك يتعامل بما يعرف بالـ “algorithm” وهي لغة المعلومات التي يتعامل بها مع المستخدم ليتعرف على اهتماماته ومدى احتياجه للأشياء، وهذا هو مفهوم الذكاء الاصطناعي في تطبيقات السوشيال ميديا عن طريق تحليل بيانات واهتمامات الشخص.
خوارزميات
وقد يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي ينافس الإنسان في التفكير، ولكن هذا ما اعترض عليه د. مالك صابر، مبرمج ومسؤول برمجيات في أجهزة أمنية، حيث أكد أن الكمبيوتر في الآخر هو آلة تنفذ تعليمات فقط. بمعنى أنه لا يفكر مثل الإنسان الطبيعي، وتحليل الشخصية فى هذا الإطار تحديدا يتم عن طريق استخدام بعض الخوارزميات التي تم تطويرها وإنشاؤها بناءً على تعليمات ثابتة، ويقوم بتحليل الشخصية بناءً على التعليمات المكتوبة، وتكون محفوظة بداخل كل خوارزمية، وموجهة للاستخدام الخاص فى تحليل الشخصية عن طريق جمع عدد معين من اللايكات وتقسيمها لـ Categories، وأنواع الإعجابات والـ Categories يتم بناء عمليات التسويق وتحليل الاهتمامات وفقاً لها.
انتهاك الخصوصية
وهنا يأتي سؤال هام، هل مازالت شركة ميتا المالكة للفيسبوك تعكف على خطط جديدة لمزيد من انتهاك خصوصية المستخدم؟! هذا ما أجاب عليه د.محمد حمزة، المحاضر المتخصص في جرائم أمن المعلومات والأمن السيبراني، حيث قال إنه لسنوات طويلة كانت شركة ميتا توفر وسائل لعرض طريقة للتواصل بين الناس حول العالم، ثم تطور الوضع وأصبحت تساعدهم على إظهار أنفسهم والتعبير عن شخصياتهم بشكل أفضل من خلال مقاطع الفيديو والبث المباشر، وغيرها من الخصائص على كافة تطبيقاتها، كما أصبحت تتلصص على الكثيرين إن صح التعبير من خلال مكالماتهم وحديثهم اليومي لمعرفة المزيد من المعلومات لأغراض الإعلانات وغيرها. لكن الشركة ترغب في الوصول إلى مستوى آخر من خلال منصاتها وتقنياتها، حيث تعمل على مشروع باسم Ego4D لتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تستطيع رؤية وسماع وتحليل كل شيء خاص بالمستخدمين من خلال طريقة نظرهم للأمور الخاصة بهم، أي أنها ستبدو أكثر كأنظمة تهدف لمحاكاة شخصية المستخدمين وطرح التوصيات والخيارات لهم للاستفادة منها. وتعمل فيس بوك على هذا المشروع مع 13 جامعة ومختبر أبحاث حول العالم، وتمكنت من جمع 2,200 ساعة مسجلة من مقاطع الفيديو اليومية لحياة 700 مشارك في البحث، لتحليل حياتهم اليومية من خلال مقاطع الفيديو التي تحوي بطبيعة الحال صوت وصورة وتفاعلات للحياة اليومية.
جانب إيجابي
ولكن علينا أن ننظر قليلاً إلى الجانب المضئ للذكاء الاصطناعي في الفيسبوك، وهذا ما دعمه بشده د.زكريا عيسى، خبير أمن المعلومات، حيث أكد أن إدارة فيسبوك Facebook بدأت بالفعل باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي AI لفرض المزيد من الحماية لمستخدميها ومنع انتشار المحتوى المسيء والمعلومات غير الصحيحة، ومن خلال هذه التقنية تحاول إحكام قبضتها بصرامة لمنع خطابات الكراهية والابتزاز الجنسي والدعوة للعنف التي تتنافى مع سياسات موقع التواصل الاجتماعي الأشهر عالميا. وبدأت فيسبوك بتجربة البرنامج في الولايات المتحدة في مارس الماضي حيث بدأت بإجراء مسح تحليلي لنصوص المنشورات والتعليقات للبحث عن عبارات قد تنم عن الإقدام على الانتحار. وحين يرصد البرنامج نزعة للانتحار فإنه ينبه فريقاً من العاملين في فيسبوك متخصصين في تولي مثل هذه التقارير، ويقدم النظام اقتراحات للشخص المعني أو لأصدقائه مثل خط للمساعدة الهاتفية، أو يتصل موظفو فيسبوك أحيانا بالسلطات المحلية للتدخل.