جوجل الذي نعرفه سيختفي قريباً.. سباق تكنولوجي لتطوير محركات بحث أكثر ذكاءً

تحقيق: شريف عماد – سمر علي - حبيبة هشام

محركات البحث التقليدية التي نعرفها الآن مثل جوجل وياهو وغيرها سوف تشهد تغيرات جذرية في المستقبل القريب، وذلك بفضل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتي تقوم بتحليل وفهرسة كل ما يتم نشره على الإنترنت، ثم تعرض النتائج وفقًا لأنظمة الأبحاث التي تم تطويرها، وتساعد هذه التقنيات في تحسين جودة النتائج التي تعرضها محركات البحث وجعلها أكثر دقة وملاءمة للمستخدمين.. في التحقيق القادم يكشف لنا الخبراء والمتخصصون عن ملامح الثورة القادمة في محركات البحث، وكيف يمكن أن يستفيد منها الإنسان في حياته وما طبيعة الصراع الدائر الآن بين مايكروسوفت وجوجل لإصدار أقوى محرك بحث ذكي في العالم؟

محركات قديمة

يقول الدكتور هشام المهدي، أستاذ الحاسبات والمعلومات، بجامعة القاهرة، إن مصير محركات البحث القديمة التي كانت تعتمد على الطرق التقليدية في عرض المعلومات في سبيلها للزوال مثل تقنيات التليفون الأرضي والموبايل، حيث إن الصراع بين جوجل ومايكروسوفت في توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي في محركات البحث أصبح أشبه بصراع التسلح بين القوى الكبرى لصالح العلم. ومن المنتظر أن تشهد هذه المحركات طفرات كبيرة مثل الإجابة عن الأسئلة وكذا تقييم إجابات الطالب وتقويم تلك الإجابة (باستكمال الناقص في الإجابة) حتى لو احتوت على رسوم، والتعامل مع النصوص والصور والكلام المسموع والإجابة على تساؤلات الباحثين بدقة. وسيكون في مقدورها أيضا تأليف قصص وأشعار ومقطوعات موسيقية وتلخيص نصوص وتلخيص أفلام ومباريات كرة القدم. وباستخدام بعض الخوارزميات ستتمكن محركات البحث من التعرف على بروفايل الشخص وتفهم شخصيته وتوقع قرار الشخص وشرح لماذا اتخذ هذا القرار. كما سيكون في مقدورها تحليل الصور واكتشاف الأخطاء غير المنطقية بها.

الدكتور هشام المهدي

صراع تكنولوجي

أما الدكتور محمد خفاجي، عميد حاسبات ومعلومات جامعة الفيوم، إنه بالنسبة لمحركات البحث القديمة التي كانت تعتمد على الطرق التقليدية في عرض المعلومات، فإنها ربما ستواجه صعوبات في المنافسة مع المحركات الجديدة التي تستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي. ومن المرجح أن تفقد هذه المحركات جزءًا من مستخدميها لصالح المحركات الجديدة، وتسهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير هذه المحركات من خلال تحسين أساليب البحث والتنبؤ بما يتوقعه المستخدمون في جميع أنحاء العالم. ويمكن لتقنية الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات محركات البحث الكبيرة بسرعة ودقة، وتشخيص الأخطاء، وتحسين العمليات الرئيسية لتحسين جودة البحث ونوعية النتائج.

واستكمل خفاجي حديثه قائلا إن الصراع بين جوجل ومايكروسوفت في توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي في محركات البحث يركز على التنافس في مجال الأداء والدقة في عرض النتائج، إضافة إلى تحسين قدرة المستخدم على البحث الدقيق. ومن الممكن أن يؤدي هذا الصراع إلى تحسين التطبيقات في المستقبل، ومن المزايا الجديدة التي ستضاف لمحركات البحث من خلال الذكاء الاصطناعي تحسين البحث الصوتي، والتعرف على الصفات الشخصية للمستخدمين، وتوفير نتائج البحث التي تتطابق مع اهتماماتهم الفردية بشكل أكبر، وكذلك تحسين عرض الصور والفيديوهات والأخبار، كما إن الدردشة الصوتية والنصية سيشكلان جزءًا كبيرًا من مستقبل محركات البحث. وباستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن تطوير تطبيقات محركات البحث التي تسمح للمستخدمين بالبحث من خلال الحوار المباشر وبدون الحاجة إلى الكتابة على الشاشة.

خوارزميات تحسين البحث

ومن جانبه، يذكر المهندس عبدالخالق ثروت، باحث في شبكات الحواسب السحابية، أن السنوات القليلة القادمة ستشهد ظهور محركات البحث الحديثة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي وتعتمد على خوارزميات تحسين البحث ودقته، وبالتالي من الطبيعي أن تتراجع محركات البحث القديمة التي لا تستخدم هذه التقنيات والطرق التقليدية. ومن المحتمل أن يدخل محرك البحث الجديد (googpt) المنافسة في سوق محركات البحث، ويجذب المزيد من المستخدمين. ومع ذلك، فإن بعض المستخدمين لا يزالون يفضلون استخدام محركات البحث القديمة التي يعرفونها ويثقون بها، وتقوم جوجل ومايكروسوفت بعمل جهود كبيرة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في محركات البحث، حيث يسعى كل منهما لتحسين نتائج البحث وجعلها أكثر دقة وفاعلية، من جهتها، قامت جوجل بإطلاق خدمة “RankBrain” وهي خدمة تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين نتائج البحث وتحسين تجربة المستخدم. وتقوم هذه الخدمة بتحليل البيانات وتعلم النماذج الخاصة بالمستخدمين لتقديم النتائج الأكثر دقة. بينما مايكروسوفت بإطلاق خدمة “Bing Intelligent Search”، وهي خدمة تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين نتائج البحث وتقديم تجربة بحث متكاملة. وتستخدم هذه الخدمة تعلم الآلة والتعرف على الصوت والصورة وغيرها من التقنيات الحديثة لتقديم النتائج الأكثر دقة وفاعلية، وبما أن الذكاء الاصطناعي يعد مجالاً مهماً وحاسماً في تطوير محركات البحث، فمن المتوقع أن يستخدم الطرفان المزيد من التقنيات والخدمات التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة النتائج وجعل تجربة البحث أفضل للمستخدمين.

مزايا جديدة

وحول المزايا الجديدة التي ستضاف لمحركات البحث من خلال الذكاء الاصطناعي، يرى ثروت أن ذلك يعتمد على الشركة التي تستخدم التقنية، وما هي أولوياتها واهتماماتها. ومن المتوقع أن توفر تقنية الذكاء الاصطناعي تجربة بحث أسرع وأكثر دقة وفعالية، حيث ستتمكن المحركات من تحليل البيانات وتفسيرها بالطريقة التي يفهمها البشر، وستقدم نتائج أكثر تخصيصاً وإضافة تنبؤية، وفهم متطلبات واحتياجات المستخدمين بشكل أكبر، بالإضافة إلى تحسين تجربة البحث الصوتي والتفاعلي بين المستخدم والمحرك، وشات الدردشة هو مستقبل محركات البحث؟  لا يمكن الجزم بأن شات الدردشة هو مستقبل محركات البحث بالكامل، ولكنه يمكن أن يكون جزءًا مهمًا منه. كما أن “شات الدردشة” سيوفر تجربة أكثر تفاعلية وشخصية للمستخدمين، ويساعد في جعل البحث أكثر سهولة وسرعة. ومع ذلك، فإن محركات البحث الأخرى مثل Google و Bing لا تزال توفر نتائج بحث دقيقة وتغطية واسعة للموضوعات بفضل تقنياتها المتطورة. لذلك، يمكن القول إن “شات الدردشة” هو جزء من مستقبل محركات البحث، ولكن ليس الحل النهائي لجميع احتياجات البحث على الإنترنت، وتعتمد محركات البحث القادمة على أدوات الذكاء الاصطناعي مثل تعلم الآلة وعصف الذهن والتعابير التحليلية لتحسين البحث عبر الإنترنت، كيف تم تحسين دقة النتائج عن طريق استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لفهم النوع المطلوب من الإجابة لسؤال محدد، وتسعى الشركات الكبرى للتنافس حول كيفية استخدام محرك البحث الذكي صوت المستخدم لفهم طلباته والإجابة عنها بدقة، وما هي الأدوات التي يتم استخدامها في التحليل الذكي للقوائم التي يبحث عنها العملاء، وكيف يتم ربط هذه الأدوات بنظم البحث الذكي، وكيفية تحليل البيانات الكبيرة والتحكم فيها وفهم ميول المستخدمين واستجابة محركات البحث لاحتياجاتهم، وكيفية تعزيز حماية خصوصية المستخدم والاهتمام بالملكية الفكرية في عمليات البحث، من خلال استكشاف هذه الموضوعات.  

عادات المستخدمين

ويؤكد الدكتور شريف الإتربي، أستاذ الحاسبات والمعلومات، جامعة المنوفية، أن محركات البحث القديمة ستواجه صعوبة في البقاء بسبب التغيرات التي تحدث في عادات المستخدمين وتفضيلهم للبحث السريع والفعال والدقيق في نتائج البحث، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي تسهم في تحسين جودة البحث بتوفير نتائج متنوعة ودقيقة وفقًا لاهتمامات المستخدم، كما تساعد في تحليل البيانات وفهم النمط السلوكي للمستخدمين والتفاعل معهم بشكل أكثر فاعلية، وقد بدأت جوجل تستخدم الذكاء الاصطناعي في محركها بشكل كبير، ويعتبر ذلك جزءًا أساسيًا من استراتيجية الشركة، في حين أن مايكروسوفت تركز على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في محرك بحث Bing، وبفضل التحسينات في الذكاء الاصطناعي، سيكون بإمكان محركات البحث تحسين البحث الصوتي والمصور والفيديو، كما تستطيع تحليل اللغة الطبيعية وعرض النتائج بطريقة مرتبطة بسياق الاستفسار واهتمامات المستخدم والدردشة، وفهم اللغة الطبيعية قد تكون جزءًا من مستقبل محركات البحث، ولكن هناك الكثير من العوامل المتحكمة في هذا الأمر ولا يمكن الجزم بشكل قاطع بأن الدردشة ستحل محل محركات البحث التقليدية.