بالفيديوجراف: "السايبورج" يقلب موازين المستقبل.. روبوت هجين نصفه إنسان!

كتب: سمر علي - شريف عماد - حبيبة هشام

من المؤكد أنك شاهدت فيلماً من أفلام الخيال العلمي التي تقوم فيه الروبوتات الذكية بالسيطرة علي كوكب الأرض وهدفها هو التخلص من  البشر والنظر إليهم على أنهم كائنات  تدمر البيئة ويجب التخلص منها، وفي اعتقاد الناس أن هذا المشهد خيالي وصعب أن يتحقق أو يحدث على أرض الواقع.. لكن هذا المشهد أصبح أقرب للحقيقة لأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أصبحت تفوق التصور.. حيث يتحدث العالم الآن عما يسمى بالروبوتات الهجينة أي أننا في المستقبل القريب سنكون أمام إنسان آلي نصفه إنسان حقيقي وهو ما يسمى بـ “السايبورج”! .. مما يعني أننا سنكون على أبواب عالم تختلط فيه الحقائق بالخيال.. فماذا عن هذه الروبوتات الجديدة؟ وما هو تكوينها؟ وما الهدف من تصميمها؟ .. التفاصيل في التقرير التالي:   

يقول محمد عدنان، الباحث في الذكاء الاصطناعي ونظم المعلومات، إن الروبوتات الهجينة  (bio-hybrid robots) تطورت خلال السنوات الماضية تطوّرًا ملحوظًا. وهي روبوتات تنشأ من خلال إدماج خلايا حية مع مواد مرنة لاستنساخ عضو مشابه للأعضاء الحيوية، أو بناء أنسجة واستنساخ وظائف الكائنات الحية، والحقيقة أن التداخل والتبادل بين علم الأحياء وأبحاث الروبوتات في تزايد مستمر منذ ثمانينيات القرن الماضي، ويرجع هذا التزايد إلى التقارب في عدد من الاتجاهات البحثية. وفي بداية الأمر، ظهرت تقنيات التعلم الحوسبية المستوحاة من الأنظمة الحيوية، مثل التقنيات التطّورية والحوسبة العصبية وهي تقنياتٌ مستخدمةٌ في تعليم أنظمة الذّكاء الاصطناعي، وللأعضاء والأنسجة الحية بجسم الإنسان خواص مذهلةٌ. فمقارنةً بالأنظمة الكهروميكانيكية التقليدية، تحمل الخلايا الحية مزايا واعدة؛ منها كفاءة أعلى في استخدام الطّاقة، والقدرة على الشفاء الذّاتي، والقدرة القويةٌ على التكيف البيئي، واستخدام هذه المواد في الروبوتات الهجينة يعطي قدرة كبيرة لهذه الروبوتات في الحفاظ على أدائها في البيئات القاسية.

ويضيف أن معظم الروبوتات الصلبة التقليدية وروبوتات المواد اللينة غير قادرة على تلبية متطلبات التصغير وكفاءة الطاقة في نفس الوقت، لذلك هناك حاجة ماسة لنوع جديد من مصادر القيادة ذات المرونة العالية والقوة الدافعة لتلبية متطلبات الحجم وقوة الأداء للروبوتات، ومن هنا فإنه  يمكن للعديد من الأنسجة الحية المتطورة بشكل طبيعي أن تنتج القوى الدافعة اللازمة مع المتانة المطلوبة، ويمكن استخدامها كمحركات مثالية للروبوتات الحيوية الدقيقة.

ومن الناحية التاريخية، فقد اقترح العالم الياباني “Xi” فكرة الروبوتات الهجينة لأول مرة في عام 2005 ، والذي فتح صندوق باندورا وأطلق تطورات سريعة في هذا المجال على مدار الخمسة عشر عامًا التالية، حيث يتم توظيف خلايا حية من جسم الإنسان ومن أجسام بعض الكائنات في صناعة الروبوت، ومن بينها خلايا مستخرجة من عضلة القلب، وأنسجة الأوعية الدموية وبعض الكائنات الدقيقة، وشهد عام 2005 ظهور أول روبوت دقيق الحجم قادرا على التحرك بشكل مستقل بتوظيف خلايا عضلة القلب. وفي هذا الإطار أيضا تم تصميم روبوت لسمك الخفاش في عام 2016 باستخدام الخلايا العضلية للقلب عن طريق الهندسة الحيوية والهندسة الوراثية وزُرعت على مادة مطاطية ملفوفة في هيكل عظمي معدني مصغر، ومن خلال التحكم في موضع الضوء لتحفيز الانقباض المحلي لخلايا عضلة القلب، كما طور فريق آخر روبوتًا شبيهًا باليرقة في عام 2020. ويتم إنشاء مضخات صغيرة من خلايا عضلة القلب المجمدة، والمشتقة من الخلايا الجذعية.

ووفقا لتقرير نشرته جامعة طوكيو، معهد العلوم الصناعية، فقد نجح علماء يابانيون في دمج ألياف العضلات مع هيكل عظمي روبوتي. وعلى الرغم من أن المحاولات السابقة كانت قصيرة الأجل وعرضة للفشل، إلا أن الدراسات الحديثة اتخذت نهجا مختلفا، حيث نمت العضلات من نقطة الصفر، بدلا من أخذ عضلات نمت داخل حيوان. ويمكن أن يمهد هذا الاكتشاف الطريق أمام ظهور ما يسمى بـ “سايبورغ” وهو كائن يتكون من مزيج من مكونات عضوية ومواد بيو- ميكاترونية فائقة)، لكن العلماء يقولون إن الوصول إلى هذا الهدف سيستغرق وقتا لا يقل عن عقد من الزمن. ويمثل المشروع اختراقا في مجال البيولوجيا الحيوية، حيث يستخدم الأنسجة العضلية الهيكلية التي تعمل بشكل كامل.

ومن بين المشاكل الشائعة التي واجهت العلماء من قبل، أن العضلات كانت تفقد قوتها وتتقلص، لكن في أحد الأبحاث الجديدة، استطاع “يويا موريموتو”، الباحث بمعهد جامعة طوكيو للعلوم الصناعية، من التغلب على هذه المشكلة، بحيث تضمن طريقته الجديدة أن تكون العضلات أقوى وأكثر متانة مما كانت عليه في المحاولات السابقة. وبلغ طول العضلات 8 ملم، وسمحت بالقيام بمجموعة كاملة من الحركات بالإصبع، حيث تمكن من الانحناء نحو 90 درجة وحتى التقاط ونقل حلقة بلاستيكية. وعملت العضلات بشكل جيد لأكثر من أسبوع، وهو ما يتجاوز بكثير ما توصل إليه العلماء السابقون.

وفي ذات السياق، نجح علماء يابانيون في تطوير جلد حي تفوح منة رائحة العرق للروبوتات الشبيهة بالبشر، كما أن المادة البشرية التي طورها علماء في جامعة طوكيو لا تحتوي فقط على ملمس يشبه الجلد، بل يمكنها أيضًا صد الماء وشفاء نفسها بالكولاجين.

وتبشر الروبوتات الحية أو الهجينة بثورة كبيرة في عالم الطب، حيث يجري الآن تطوير روبوتات دقيقة يمكنها أن تشن حربا على الخلايا السرطانية، ويبدو أن التجارب الأولية قد أظهرت نجاحا كبيرا، وقد عرض فريق من الباحثين في معهد بكين للتكنولوجيا في الصين، إمكانية استخدام روبوتات هجينة متناهية الصغر في تطبيقات توصيل الجرعات الدوائية للأنسجة والأعضاء البشرية بشكل دقيق بغرض تسريع العلاج وتخفيف الأعراض الجانبية.

كما ابتكر فريق من العلماء روبوتات مجهرية يتم التحكم فيها مغناطيسياً لتقتل السرطان، حيث تنتشر «الآلات الصغيرة» حول الأورام وتطلق أدوية العلاج الكيميائي. وعمل العلماء في قسم الذكاء الطبيعي في معهد ماكس بلانك للأنظمة الذكية على دمج الروبوتات مع علم الأحياء من خلال تزويد بكتيريا معينة بمكونات اصطناعية لبناء روبوتات هجينة بيولوجية، ويمكن لجيش من البكتيريا «الهجينة البيولوجية» أن «يشن الحرب» على الخلايا المريضة، تاركاً الأنسجة السليمة وشأنها، ويمكنه إحداث ثورة في علم الأورام.

ورغم الأهمية الكبيرة المعقودة على الروبوتات الهجينة إلا أن هناك مخاوف من خروج هذه الروبوتات عن السيطرة، ففي عام ٢٠١٦ حذر عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينج من أن الذكاء الاصطناعي هو أسوأ شيء حدث في تاريخ البشرية، وتوقع أن الروبوتات يمكن أن تتطور لدرجة أن تصبح أسلحة قوية مستقلة بذاتها، وإن صناعة الروبوتات بدأت تتطور بشكل ملحوظ السنوات الأخيرة الماضية، وبدأت شركات التكنولوجيا تتنافس بين بعضها البعض لتقديم روبوتات متطورة وقريبة الشكل من البشر، ويتم تزويدها بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تتطور باستمرار، والتي تقوم بجمع البيانات والمعلومات من البيئة المحيطة بها، والكارثة المحتملة أن تكون الروبوتات على وعي خاص بها وفي هذا الوقت تكون الروبوتات قادرة على أن تتحكم في الجنس البشري.

وفي عام ٢٠٢٢ قامت شركة جوجل بطرد مهندس الذكاء الاصطناعي “بليك لينوي” لأنه انتهك سياسة الشركة وسرب معلومات للإعلام، حيث قدم ملاحظة لمديره في العمل، وقال إن الروبوتات التي يعمل عليها في مشروعه قامت بتطوير شعور إدراكي خاص بها، وهو الأمر الذي رفضته شركة جوجل واتهمته بعدم المصداقية، وكانت مهنة بليك لينوي هي إجراء المحادثات مع روبوت في إطار تطوير جوجل لنموذج لغوي لتطوير المحادثات، والفائدة من ذلك هو إجراء المحادثات والرد على أسئلة الأشخاص الذين يبحثون عن معلومات في محرك البحث جوجل من خلال “Chat Bot”، وقال لينوي إنه أثناء محادثاته مع روبوت في إطار الدين والعرق شعر بالفزع من رد فعل الروبوت الذي وصف نفسه بأنه شخص واعٍ وبدأ يطالب بحقوقه الشخصية، وأضاف لينوي أنه شعر أنه يتحدث مع طفل يبلغ من العمر نحو ٨ أو ٩ سنوات.