الواقع المختلط يحدث ثورة في العالم التكنولوجي تقرير : رنا اشرف سرعان ما أصبح الواقع المختلط ، وهو مزيج من الواقع الافتراضي والواقع المعزز ، أحد أكثر التطورات إثارة في…
د.محمد شعبان: العلم توصل للتنبؤ بشكل البروتينات بفضل الذكاء الاصطناعي
حوار: شريف عماد
الدكتور محمد شعبان هو باحث مصري شاب في مجال الكيمياء الحيوية بكلية الطب بجامعة إمبريال كوليدج بلندن، وهي المصنفة السادسة عالميا في مجالها، كان حديث الأوساط العلمية مؤخراً بحصوله على جائزة مبتكرون تحت 35 سنة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2022، وذلك من قِبل منصة “إم آي تي تكنولوجي ريفيو”، وهي الجائزة التي حصل عليها من قبل مارك زوكربرج، وسيرجي براين مؤسس جوجل، وذلك لأبحاثه الرائدة في مجال الكشف عن الأمراض باستخدام التقنيات الحديثة ومن بينها الذكاء الاصطناعي.. في السطور التالية يكشف لنا عن حدود ذكاء الآلة في مواجهة العقل البشري؟ وكيف يمكن استخدام البرمجيات الذكية في تشخيص الأمراض وعلاجها.. فكان هذا الحوار:
إلى أي مدى يمتلك الذكاء الاصطناعي قدرات خارقة يمكنها أن تتفوق على عقول البشر؟
الذكاء الاصطناعي أصبح قادرا على التفوق على قدرات البشر، وذلك في مجالات كثيرة جدا، وأسرد لك قصة، ففي شهر مارس عام ٢٠١٦ كانت هناك إحد الشركات المملوكة لشركة جوجل وهي شركة “ديب مايند” Deep Mind، وقامت هذه الشركة بتطوير برنامج ذكاء اصطناعي يستطيع أن يلعب هذه اللعبة التي تحمل اسم “ديب مايند”، وهي اللعبة التي وصفها بعض العلماء بأنها معقدة للغاية، وهي لعبة صينية في الأساس، وهي عبارة عن مجموعة من الكرات البيضاء والسوداء وكل كرة منها لها حركات محددة ويتم تحريكها بأسلوب معين وحسابات معينة، مثل لعبة الشطرنج ولكنها أكثر تعقيداً، وقامت شركة “ديب مايند” بعمل برنامج ذكاء اصطناعي يلعب هذه اللعبة ليواجه اللاعب “ليسي دول” وهو بطل العالم في لعبة Go، وهو من كوريا الجنوبية وأكثر اللاعبين تحقيقاً للانتصارات العالمية في الألعاب الإلكترونية، ودخل اللاعب في منافسة مع برنامج الذكاء الاصطناعي، واستمرت المنافسة خمسة أشواط، وفي النهاية استطاع الذكاء الاصطناعي أن يفوز في أربع أشواط وخسر في شوط واحد فقط، هذه القصة مهمة حيث تكشف عن أن قدرات البشر ستكون محدودة أمام هذه البرمجيات الذكية، حيث أصبحت البرامج الذكية قادرة على التفكير مثلنا تماما وهذا عمل خارق.
هل تختلف طريقة تفكير الآلة عن طريقة تفكير العقل الإنساني؟
المسألة أشبه بالمحاكاة، فالروبوت مثلا يحاكي طريقة عقل الإنسان الطبيعي، بمعنى أن الذكاء الاصطناعي هو مجرد آلة قادرة على التفكير مثل الإنسان أو تتميز بتفكيرها عن الإنسان بفضل الكم الهائل من المعلومات والبيانات التي تحتفظ بها، وبالتالي فهي قادرة علي محاكاة العقل البشري من خلال أجهزة وبرامج قادرة على التفكير بنفس الطريقة التي يعمل بها العقل الطبيعي، فهي تتعلم وتقرر وتتصرف كما يفعل الإنسان، فهي محاولة لتقليد سلوك البشر ونمط تفكيرهم وطريقة اتخاذ قراراتهم، وتتم من خلال دراسة سلوك البشر عبر إجراء تجارب على تصرفاتهم، ووضعهم في مواقف معينة، ومراقبة رد فعلهم ونمط تفكيرهم وتعاملهم مع هذه المواقف، ومن ثم محاولة محاكاة طريقة التفكير البشرية عبر أنظمة الكمبيوتر، وقد انتهت هذه التجارب والمحاولات بإنشاء آلة بقدرات عقلية بشرية قادرة على الفهم والتمييز والتصرف واتخاذ القرارات من خلال شريحة دماغية.
قدرات العقل البشري محدودة أمام هذا الكم الهائل من البيانات.. كيف يمكن أن يعوض الذكاء الاصطناعي هذه الفجوة؟
يُستخدم الذكاء الاصطناعي في حالات معينة، فعند وجود مجموعة بيانات كبيرة للغاية، وتفوق قدرات البشر أو معقدة للغاية أو تحتوي علي مجموعة كبيرة من المتغيرات أو الصفات أو أن تحليلها يحتاج إلى وقت كبير، ففي هذه الحالات يجب استخدام نموذج ذكاء اصطناعي تتوفر به بعض التقنيات ليعطي نتائج أدق مثل العقل البشري للإنسان أو يتفوق عليه، لكن وجود كميات كبيرة من هذه البيانات تجعل الذكاء الاصطناعي في حاجة إلى التعلم من خلال الكثير من البيانات لإجراء التنبؤات الصحيحة، وقد أدى ظهور أدوات مختلفة لجمع البيانات المصنفة، بالإضافة إلى تمكن المؤسسات من تخزين هذه البيانات ومعالجتها بسهولة وبتكلفة ميسورة سواء البيانات الهيكلية أو غير الهيكلية، إلى تمكين المزيد من المؤسسات من إنشاء خوارزميات أو برمجيات الذكاء الاصطناعي وتدريبها.
ماذا عن جائزة مبتكرون تحت سن 35؟ وكيف حصلت عليها؟
تنظم مؤسسة “إم آي تي تكنولوجي ريفيو” مسابقة سنوية لمنح جائزة “مبتكرون دون 35 “، وذلك منذ عام 2018، وهي نسخة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الجائزة العالمية التي تحمل نفس الاسم والتي تم إطلاقها عام 1999، وقد حصل عليها من قبل شخصيات عالمية شابة مثل مارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك، وسيرجي برين مؤسس جوجل. فضلاً عن أبرز وأهم المبتكرين في العالم دون سن الخامسة والثلاثين. وتهدف إلى تكريم الشباب الذين قدموا أبرز الاختراعات والدراسات وأكثرها إثارة للاهتمام، حيث تضم ألمع العقول من خبراء التكنولوجيا. ويمكن لأي شخص طور مشروعاً قائماً على الابتكار التكنولوجي والبحث التطبيقي أن يرشح نفسه للجائزة. ويتم قبول مرشحين من أي مجال من مجالات الأبحاث، وترحب إم آي تي تكنولوجي ريفيو بمشاركة الجميع من الباحثين ورواد الأعمال والمبتكرين من الجامعات ومراكز البحوث والشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات والمنظمات غير الربحية. وتشمل فئات الجائزة: الطب والطب الحيوي وعلوم الجينوم والبيئة والحوسبة والاتصالات والطاقة وعلم المواد والبرمجيات والنقل والويب والإنترنت والذكاء الاصطناعي.
ما هي العقبات التي يواجهها الذكاء الاصطناعي بشكل الحالي في مجال الكشف عن الأمراض؟
لايزال العلم قاصرا عن فهم بعض الأسرار الخاصة بالخلية والبروتينيات أو الشكل البنيوي للبروتين، حيث يكون من الصعب التنبؤ ببعض التغيرات التي يمكن أن تحدث مستقبلا في هذه الأمور، فمثلا في مجال تخصصي وجدنا أن بعض المناطق في البروتينات عشوائية وتغير من شكلها فعندما تتحد في بروتين آخر تأخذ شكلاً محددًا لذلك لا يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في هذا الأمر، فالذكاء الاصطناعي قائم على معلومات تأتي من قِبل العلماء، أيضا البروتينات معرضة لحدوث طفرة فحدوث طفرة في أحد البروتينات يؤدي إلى تغيير الشكل أو حدوث شيء مختلف. ومن ناحية أخرى فإن ديناميكية البروتين تمر بمراحل كثيرة حتى تصل للمرحلة الأخيرة، فالذي يحدده الذكاء الاصطناعي هو مراحل ثابتة، ولكن معظم الحالات الانتقالية سريعة جداً وغير ثابتة لا تحدد شكل البروتينات، وهذا مجرد نموذج للتحديات التي تواجهنا في هذه العملية.
هل هناك تعاون بين خبراء الذكاء الاصطناعي وعلماء الأحياء والطب ؟
هناك نماذج رائدة لهذا الشكل من التعاون الثنائي، فقد أعلن معهد الأبحاث البريطاني الشهير “فرانسيس كريك” (The Francis Crick Institute) عن إبرام شراكة مع شركة “ديب مايند” (Deep Mind) رائدة برمجيات الذكاء الاصطناعي التي تتبع شركة “غوغل” (Google). ويُعد هذا التعاون هو الأول من نوعه – والأوحد حتى الآن- والذي تبرمه شركة “ديب مايند” مع معهد بحثي خارج حدود الشركة. هذا التعاون يهدف إلى تعزيز فهمنا لعلم الأحياء خاصة في مجالي تصميم البروتينات وعلم الجينوم. وتشمل الشراكة – التي أبرمت لعدة سنوات – إنشاء مختبر أبحاث خاص بشركة ديب مايند داخل معهد فرانسيس كريك، وذلك للجمع بين خبرات علماء المعهد وبين خبرة ديب مايند في الذكاء الاصطناعي من أجل دراسة آليات الصحة والمرض. ويستخدم العلماء تقنيات معقدة ومكلفة للغاية لمعرفة الشكل الدقيق لكل بروتين داخل الجسم، ومن ثم معرفة كيفية عمله مما يسهم في تطوير صناعة الدواء. غير أن اكتشاف الشكل التركيبي لأحد هذه البروتينات يتطلب سنوات من العمل الدؤوب الشاق. ولذلك، قررت ديب مايند التصدي لهذه المشكلة، وعكفت على تصميم خوارزمية أو برمجيات “تعلم الآلة” يمكنها التعلم من بنية البروتينات المعروفة الشكل – التي اكتشفها العلماء من قبل- في التنبؤ ببنية البروتينات غير المعروفة.
وإلى أي نقطة وصلت هذه الجهود؟
بالفعل، نجحت الشركة عامي 2020 و2021 في تصميم برنامج ذكاء اصطناعي يُعرف باسم “ألفا فولد 2” (Alpha Fold2) الذي أمكنه التنبؤ بشكل البروتينات ثلاثي الأبعاد بدقة عالية تقارب النتائج العلمية. وكان هذا الأمر هو أعقد ما نجحت شركة ديب مايند في تحقيقه على الإطلاق حتى الآن، وتعد معرفة الشكل ثلاثي الأبعاد الخاص بالآليات الخلوية -كالبروتينات وغيرها- أساسا لفهم وظيفتها، كما أنها حجر الزاوية في تصميم أدوية جديدة، وفي واقع الأمر، كان التحول من الألعاب إلى العلوم هو السبب الرئيس الذي دفع “هاسابيس” إلى تأسيس شركة ديب مايند؛ إذ يحاول علماء الشركة الآن تطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي لفهم المعضلات الأساسية في العلوم.
أخر الأخبار
تصنيفات
وماذا عن شروط هذه الجائزة؟
يجب ألا يتجاوز عمر المرشح أو المرشحة عن خمس وثلاثين عاماً, ويجب أن يكون مواطناً أو مقيماً حالياً (بما في ذلك الإقامة الدراسية) في إحدى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أو أن يكون منحدراً من أصول عربية حتى لو كان مقيماً في أي مكان في العالم. وتتولى تقييم الأعمال المقدمة لجنة حكام مؤلفة من شخصيات بارزة ومستقلة من ذوي الخبرات العميقة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والبيولوجيا الحيوية والطب والأمن السيبراني ورواد الأعمال وفائزين في الإصدارات السابقة من الجائزة ومستثمرين وأكاديميين ينتمون إلى جامعات وشركات رائدة من جميع أنحاء العالم.